كانت الصحراء تقتات في الاعصار ظلمة
كانت الصحراء، كان الشرق للغاصب لقمة
صدقوني يا رفاقي ...
لم يكن مولد حزب،
انه مولد أمه.
كانت الصحراء أرجوزة وَجْدٍ ناحبة
كانت القدس تصلي ويداها فوق عظم الرقبة
و"اللنبي" مستريحاً فوق أشلاء القرون الشاحبة
وصلاح الدين موالاً على بال الرمال
كانت النسوة يهززن الأراجيح ويبكين الرجال
"يا حادي العيس قول للغايبين يلفوا
وعيوننا السود من كثر البكا تلفوا"
تتلوى كانت الصحراء لما علكت راياتها الخضر
جنازير الحضارة
تجفل الخيل ويذوي النخل يهوي
تجفل الخيل ويذوي الرمل يهوي
تجفل الخيل وتهوي كل أحلام الإمارة
الليل صومعة وآلاف البراعم
تستقي دمع الندى،
الليل مصلوب على بوابة الفجر المسمور بالردى
الأفق يطلع من ضلوع الليل
فوق عباءة الأفق ازدحام الخيل
حمحمة أذآن الفجر، صوت بلال
وعلى تخوم الفجر أغنية تلوّح للرجال
"نذر عليّ لو عاد الزمان يمي
تازين الدار واجعل زينتو حني"
كانت في الليل دمشق تحيك الراية للفرسان
كانت في الليل دمشق تعد الزاد
وتملأ من بردى قُرَبَ النسيان
ودمشق تكحل عينيها
دمشق تحلُّ ضفيرتها
تمسح عن جبهتها الأحزان
ودمشق السمراء الهدب العربية عيناها
تحشد فرحتها للصبح، تخبئ باقات الألحان
موعد الفجر الطالع من رحم الأزمان
وأتى نيسان
خضبت الفرحة وجه دمشق
أئتلق البعث،
انفجر الورد بعينيها ...
الصحراء، القدس، يسوع، صلاح الدين
انهمر التاريخ على قدمي نيسان